اسلام السوق
تأسست الحركة الإسلامية في النصف الأول من القرن العشرين على قاعدة توتر عنيف بين الديني والسياسي،
ونتيجة لاستيلاء على “الدول العربية الحديثة” على المجال العام بأكمله وإدخاله في الشأن السياسي خلافًا للتقليد السني التاريخي
فقد بدت الحركة الإسلاميَّة بجميع توجهاتها كرد فعل لهذه السياسة الجديدة.
وعلى ذلك، وكنقيضٍ لمحاولات الدولة استيعاب الدين، حاولت الحركة الإسلامية أن تستوعب الدولة الحديثة في الدين،
غير مدركة للاختلافات الجوهرية بين النسقين.
ونتيجة لأسباب كثيرة، وهزائم متعددة، فقد وصلت الحركة الإسلامية إلى منتصف ثمانينات القرن العشرين منهكة
وغير قادرة على تحقيق أي هدف من الأهداف التي تأسَّست عليها،
فتحولت تلك الأهداف إلى ديباجات تردد دون أي مردود واقعي، فبدأ أفراد الحركة الإسلامية يبحثون عن بديل.
خلافا لقاعدة التوتر بين الديني والسياسي وجد بعض أفرادِ الحركة الإسلاميَّة بداية من الثمانينات في الاقتصاد
وعالم التجارة والأعمال مسارًا جديدا لتدين عملي غير مسيس ولا يتصادم مع الدولة ما بعد الكولونيالية
التي خرجت منتصرة من كل معاركها مع الحركة الإسلامية تقريبا.
وهو، لذلك، مسار يمكن العمل فيه براحة وخفة أكبر، ويمكن من خلاله تحقيق نجاحات
وانتصارات في الواقع تخفف من وطأة اليأس الناتج عن فشل المسار النضالي السابق المنغلق على
قضايا السياسة والدولة والحكم والهُويَّة والصراع مع الغرب.
من هنا تبدأ القصة التي يحاول الباحث الفرنسي باتريك هايني سردها في هذا الكتاب “اسلام السوق” .
وهي القصة التي جرت فصولها على امتداد ربع قرن تقريبا قبل الربيع العربي،
وكان لنتائجها آثر عظيم في رسم المسارات التي انتهجتها الحركات الإسلامية السلمية أثناء وبعد نشوب ثورات الربيع العربي.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.