البر والصلة

بعث الله تعالى محمداً بالرسالة الخاتمة المشتملة على ما فيه سعادة الأمم وحياة الشعوب، حياة مستقرة منبعثة
من “البر و الصلة” الذي هو أعلى مراتب العبادة في الإسلام فكان “البر والصلة” من أعظم المعاني التي اشتملت عليها تلك
الرسالة المحمدية، فلقد كتب الإسلام الإحسان على كل شيء، وجعل من أحسن العمل
استدامة الصلة بين العبد وربه، وبين الأفراد بعضهم ببعض.

فلا شك أن العلاقات في أي مجتمع من المجتمعات تقوم في أحسن الأحوال على التزامات من طرق نحو الطرق الآخر،
وهي باعتبار أدائها للغير تسمى “واجبات” وباعتبار استحقاقها لدى الغير “حقوقاً”، فكان من بين تلك الحقوق والواجبات البر والصلة.
فالبر كما قال “ابن كثير” في النهاية: “الإحسان وهو من حق الوالدين وحق الأقربين من
الأصل ضد العقوق، وهو الإساءة إليهم والتضييع لحقهم”.

في هذا الإطار يأتي كتاب “ابن الجوزي البغدادي” البر والصلة، والذي هو من أجمع الكتب في بابه وموضوعه، وذلك لما يقدمه
من أحاديث مسندة وآثار مروية في “البر والصلة”، وهو يحتوي على أربعة وخمسين باباً بدأها المؤلف بذكر المعقول في
بر الوالدين وصلة الرحم، ثم تابع فذكر كل ما يتعلق بإثم عقوق الوالدين وثواب الإنفاق عليهما، وتكلم كذلك عن ثواب
العتق ثم انتقل إلى باب كفالة اليتيم وختم كتابه بباب في أعل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
وبالنظر لما لهذا الكتاب من أهمية فقد اعتنى بتحقيقه وإخراجه في حلة جديدة محققة ومفهرسة بفهارس عامة تهدي الناظر في الكتاب،