الحجاج بن يوسف

ليس الحديث عن الحجاج في الواقع حديثاً ليناً هيناً، ولا هو من الذين يمضي إسمهم في التاريخ فلا يثير ضجة،
ولا يستدعي خصومه مستمرة، قد تنتهي إلى شيء من العنف ليس بقليل

رجل في الواقع شغل الناس في عصره، وشغلهم بعد عصره، وما يبرح الناس يختصمون في أمره، ويلجون في هذه الخصومة،
ذلك أن للحجاج من يناصره ويؤيده، وله من ينتقده انتقاداً مراً شديداً، بعضهم يقول إنه أدى للدولة الإسلامية أجل الخدمات وأعظم الأعمال،
وآخرون يذهبون إلى أنه كان عاملاً فعَالاً في هدم الدولة الأموية وتمزيق عرى الوحدة الوطنية.

إذن، فنحن أمام ظاهرة عظيمة الخطورة، بعيدة الأثر في دراسة التاريخ الأموي وتقديمه للقراء على الوجه الأكمل والأحسن…
والمؤرخ المعاصر لا يستطيع أن يساير أحد المذهبين في الحجَاج،
دون أن يتلطف في درسهما لأن من حق قرائه عليه حين يعرض لهذين المذهبين أن يسألوه: فيم يختصم أنصار الحجاج وخصومه؟
وأن يطلبوا منه في لين ورفق أن يحدد لهم موضوع الخصومة، حتى يكون القارئ على بينَه من أمره، وهدى في دراسته.

أما أن الحجاج كان شديداً ظالماً مستبدأً، فليس في ذلك شك ولا ريب!
وأما أنه أغرق في سياسة القمع والبطش إغراقاً نعتقد بحق أنه لم يكن له ما بيرره في كثير من الأحيان فهذا أيضاً ليس فيه شك ولا ريب…
ولكننا أمام ذلك لا نستطيع أن ننكر عليه خدماته للدولة الإسلامية في عهده، فإذا لم يكن هو الذي وحَد الناس على خلفية واحد في أمبراطورية عربية واحدة،
فقد كان عاملاً فعَالاً عظيماً في هذا التوحيد.

يبحث هذا الكتاب في تاريخ الحجّاج وعهد الحجّاج بأسلوب موضوعي رصين،
حيث تحدث المؤلف عن المواضيع التالية: “ظهور الحجّاج بن يوسف الثقفي”،
“الحجّاج بن يوسف يحاصر الكعبة”، “الحجاج في الحجاز والعراق”، “الحجّاج يهدد أهل العراق ويغلظ لهم القول”،
“المهلب بن أبي صفرة والخوارج”، “شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي”، “القضاء على الخوارج”،
“أخبار الخوارج وجرأتهم في سبيل عقيدتهم”، “إغراق الحجّاج في سياسة القمع والقتل”، “الحجّاج وآل المهلب”،
“الفتوحات في عهد الوليد بن عبد الملك”، “العلاقات بين الخليفة والحجّاج”، “الحجّاج في مباذله”، “الحجّاج بن يوسف في أواخر أيامه”.