النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية

النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية كتاب يتألف من ٤ مجلدات كان ثورة في قراءة التاريخ العربي الإسلامي ومحاولة معرفته معرفة علمية، والذي اختتم به المفكر حياته مقتولاً.

وليس ذلك إلا دليلا على قوة الفكرة ومنطقها. والتي تعلمنا أن كل تحرك تاريخي لا يمكن فصله فصلا غيباً لا تاريخياً عن تاريخيته -عن الجغرافيا التي يتحرك فيها ومنها- ولفهم اي حركة تاريخية لا بد من الدخول في جغرافية تلك الحركة والربط بين كل الأسس المعرفية والاجتماعية لتكوينها، ولذا كان المجلد الأول يحمل عنوان “الجاهلية-نشأة وصدر الإسلام”

ينطلق الكتاب من فكرة هامة في قراءة التاريخ العربي الإسلامي، بل تاريخ البشر بحركاته الفكرية وتطوراته الحضارية وهي “أن الفكر العقلاني -الفيزيائي- والفكر اللاعقلاني -الصوفي والإشراقي والديني- كلاهما تاريخي، ولا يمكن فصل الواحد منهما عن تاريخيته والقول بأنه عاش خارج التاريخ، تاريخ البشر.

فالمعرفة أياً كانت هي إنعكاس للعالم المادي في وعي الإنسان، أي البيئة التي يعيش فيها بما فيها من أبعاد ثقافية، وإقتصادية، وإجتماعية

فالإسلام عند المفكر الشهيد حسين مروة (١٩١٠-١٩٨٧م) ليس حركة غيبية تحدث فجأة، وإنما هي نتاج تطور وتراكم تاريخي.

وليس صدفة ان تنطلق تلك الحركة من الحجاز وبالتحديد مكة القرشية التي اصبحت من أقوى القبائل ماديا؛ أولاً: نتيجة سيطرتها على خط التجارة الذي أقامه بنو عبدمناف مع امبراطوريتي الفرس والروم إضافةً للأحباش في الجنوب -اليمن-. ثانياً: أنها أصبحت بسبب الإلتقاء الحضاري ذاك ورعايتها شؤون الكعبة ومكانتها الدينية واحتفاظها بسائر التراث الوثني الذي تحج له جميع القبائل من اكثر المدن تطورا على الصعيد الثقافي والمعرفي المسيحي واليهودي والفارسي الزرادشتي.

وليس من باب المصادفة اللاتاريخية أن يقود النبي محمد الذي ولد في بيئة فقيرة بالرغم من انتماءه لقريش الأغنى بين القبائل تلك الحركة التي هي نتاج رد فعل طبقي، ولم يكن الصعاليك برفضهم وثورتهم على ذلك التمايز الطبقي -فقراء في مقابل اغنياء- داخل البنية الاجتماعية للقبيلة، ولا الأحناف الذين هم النموذج الثقافي التوحيدي الأبرز في رفضه للوثنية التعددية إلا شكلاً من أشكال ذاك التراكم وتلك الارهاصات التاريخية التي هيأت الأرضية لبزوغ فجر الاسلام.