جين اير-Jane Eyre

لعل السائل يسأل عن سرّ شغف القرّاء بهذه الرواية،
على أن ذلك ليس عسيراً خافياً لأنها في نظر السواد الأعظم تجمع بين عنصرين محَبَّبَيْن إلى نفوس الناس من قديم الزمن،
فهي تخاطب جانب الأحلام الطفولية على غرار ما تخاطب ذلك الجانب قصة “سندريلا”،
تلك الفتاة المضطهدة اليائسة التي تتزوج أميراً قويّ السلطان،
ثم هي أيضاً قصة من قصص انتصار البشر الضعفاء على الشدائد والصعاب يفضل الثبات والمثابرة والكفاح.

هذا النوع من الروايات يعلق بأذهان الناس وقلوبهم لأنه يعبّر عن مطامعهم وأمانيهم،
فمعظم الرجال يزهيهم أن يكونوا حماة ذوي بأس لنسائهم،
ومعظم النساء يشوقهنّ ويتمنين أن يتزوجن من رجال أشداء قادرين على حمايتهن،
والجنسان يصبوان إلى التوفيق والنجاح والتغلّب على صعاب الحياة وآلامها.

ولئن فسّر لنا هذا إقبال سواد القرّاء وعامتهم على “جين إير” فهو لا يكفي لتفسير إعجاب النقّاد الشديد بها،
ولكننا نجد سرّ هذا الإعجاب في قوّة تعبير المؤلفة عن العواطف بعمق وصدق، فاللوحات التي رسمت فيها آلام الطفلة “جين” وعذابها،
ورقّة الطفلة “هيلين” ومرضها ووفاتها، ومواقف الحب الرقيقة، تستولي دون شك على مجامع القلوب ببساطة أسلوبها وعمق تأثيرها في النفس.