حقيقة الخلاف بين المتكلمين
لقد كان الخلاف سمة رئيسية للمتكلمين، حيث ساد بينهم، وشمل كل أفكارهم، فأنت لا تجد الخلاف بينهم وبين غيرهم فحسب،
بل تجده ظاهراً وواضحاً فيما بينهم، فكل فرقة منهم تخالف الأخرى، وكل أصحاب مذهب يخالفون غيرهم،
بل نجده مبثوثاً داخل الفرقة الواحدة وأصحاب المذهب الواحد، وإذا كان الخلاف شائعاً بين المتكلمين على هذا النحو،
وإذا كان موضوع بحثهم هو العقيدة، فإن هذا يجعل للخلاف أهمية خاصة ودوراً خطيراً،
إذ ما يمس العقيدة من قريب أو بعيد ليس بالأمر السهل اليسير.
ولكي يقتصر الأمر على تلك الأهمية، بل يتعداها إلى أن البحث عن حقيقة الخلاف بين المتكلمين يتوافق مع متطلبات الدعوة
إلى بناء علم الكلام الجديد، ولكي نحقق الهدف من علم الكلام الجديد، لابد لنا من العودة إلى ذلك التراث الكلامي القديم،
وتلك العودة لا تبدأ من أطر جاهزة نصب فيها ذلك التراث أو نتنكر له، بل نقصد عودة واعية لذلك التراث تقوم على فهمه وأستيعابه،
والبحث عن حقيقة الخلاف يوقفنا على ذلك ويحقق لنا فهم طبيعة المشكلات الكلامية وأسبابها ودوافعها وحقيقة الخلاف فيها،
وتلك خطوة ضرورية للحكم عليها، وبالتالي لتحديد موقفنا من ذلك التراث الكلامي
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.