فتجنشتاين والبحوث الفلسفية
كتب “ڤتجنشتاين” كتابه (البحوث الفلسفية) في أواخر عمره بروح غير متوافقة مع الحضارة الغربية الحديثة، التي سيطر فيها العلم التجريبي على تصوراتنا وثقافتنا وقيمنا ومعاييرنا؛ التصورات التي أثرت على “ڤتجنشتاين” وهو مهندس شاب، فكتب (الرسالة المنطقية الفلسفية) بعقل منطقي أداتي، رغم قلقه الأخلاقي منذ شبابه.
لكن إجمالا يمكن تصنيف الرسالة ككتاب فلسفة علم قريب من التفكير الوضعي، أما البحوث –أو الفترة المتأخرة عموما– فبمثابة انتصار للدين، وإعادة قراءة لدوره وأهميته، وذلك داخل قراءة جديدة للعقل واللغة والمجتمع.
في هذه المرحلة انتصر “ڤتجنشتاين” لتصورات الرجل العادي أو التصورات الفطرية، في مقابل الشذوذ الفلسفي أو التجريبي؛ ولذلك نقدم هذا الكتاب كمادة خام لنقد الإلحاد الحديث.
فالحاصل أن كتاب “ڤتجنشتاين” يعد ترسانة فكرية لمواجهة الإلحاد الحديث، وأن كثيرا من علاج الإلحاد الفلسفي الحديث يسكن فيه، لكنه صعب المراس، صياغة وأفكارا، ولا يمكن فهمه بمجرد النظر المدقق فيه، خصوصا في الترجمة العربية، فرغم أن كتاب البحوث قد ترجم مرتين إلا أن مثل هذه الكتب يعسر جدا ترجمتها، وتحتاج الترجمة إلى تدخل وابتكار والبعد عن التأويل ما أمكن.
فمن أجل ذلك، اخترنا هذا المدخل الهام الميسر، لأسباب متعددة، منها: حسن بيان المؤلفة، وترتيب أفكارها، وموضوعيتها، ومناقشتها للجزء الثاني من الكتاب “فتجنشتاين والبحوث الفلسفية” –المتعلق بعلم النفس الفلسفي، الذي يُغفل عنه– والأهم من ذلك أن المؤلفة لها موقف من تأويل نصوص “ڤتجنشتاين” نظنه حسنا؛ فهي تحترز –إلى حد بعيد– من نسبة أي تأويل للنص الأصلي، ومن ثم تحتفظ ببراءة النص ما أمكن.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.