اعجاز القران للقاضي عياض
القاضي أبو الفضل عياض بن موسى السبتي، نسبة إلى مدينة سبتة كان إماماً في الحديث والفقة وكاتباً من أوائل
الكتاب، وكتابه الشفاء في السيرة المحمدية لم يؤلف مثله في موضوعه من حيث بلاغة عبارته وجمال أسلوبه.
كتب يوماً عن إعجاز القرآن فأشار إلى أن كتاب الله العزيز منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة وتحصيلها من جهة
ضبط أنواعها في أربعة وجوه، أولها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب
وذلك أنهم كانوا أرباب هذا الشأن وفرسان الكلام قد خصوا من البلاغة والحكم بما لم يخص به غيرهم من الأمم وأوتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان.
ومن فصل الخطاب ما يقيد الألباب، جعل الله لهم ذلك طبعاً وخلقة، وفيهم غريزة وقوة، يأتون منه على البديهة بالعجب،
ويدلون به إلى كل سبب، فيخطبون بديهاً في المقامات والخطب. ويرتجزون بين الطعن والضرب، ويمدحون ويقدحون،
ويتوسلون ويتوصلون، ويرفعون ويضعون، فيأتون من ذلك بالسحر الحلال، ويطوقون من أوصافهم أجمل سِمط
اللآل؛ فيخدعون الألباب، ويذللون الصعاب، ويذهبون الإحن، ويهيجون الدمن، ويجرئون الجبان، ويبسطون يد الجعد
البنان، ويصيرون الناقص كاملاً، ويتركون النبيه خاملاً. منهم البدوي ذو اللفظ الجزل، والقول الفصل، والكلام الفخم،
والطبع الجوهري والمنزع القوي، ومنهم الحضري ذو البلاغة البارعة، والألفاظ الناصعة، والكلمات الجامعة،
والطبع السهل والتصرف في القول القليل الكلفة الكثير الرونق الرقيق الحاشية، لا يشكون أن الكلام طوع مرادهم، والبلاغة ملك قيادهم.
اعجاز القران للقاضي عياض
Reviews
There are no reviews yet.