تاريخ الاسلام في الفكر الالماني
من لايبنتز الى نيتشه
يتناول الكتاب ” تاريخ الاسلام في الفكر الالماني ” جذور الاضطراب في الفكر الغربي بخصوص الإسلام عبر مقاربة أفكار ثمانية فلاسفة ألمان.
إن الكتاب الذي بين أيديكم – كما يقول المؤلف – ليس سعيا للدفاع عن الإسلام بل هو محاولة لتشريح وفحص ذلك الاضطراب، كما أنه لا يقدم أية حلول خلاصية لمعالجة تعقيدات وتبعات الصورة الإشكالية التي تمثل بها الإسلام ثقافة وشعوبا في مؤلفات أولئك الفلاسفة.
يأخذ إيان ألموند القارئ في رحلة تاريخية فكرية فلسفية مثيرة، ويعرض عليه خليطا متنافرا من الأفكار والمواقف والانطباعات التي يخرج بعضها من الأرشيف الألماني لأول مرة، ليكتشف القارئ مدى صعوبة تحديد نسق محدد واضح لنظرة اولئك الفلاسفة للاسلام وللشعوب المسلمة، حتى ضمن أفكار ومواقف الفيلسوف الواحد.
طريقة المؤلف في تتبع صورة الإسلام لدى نخبة معتبرة من المفكرين الألمان تحرض القارئ على طرح التساؤلات عوضا عن البحث عن إجابات، والتأمل في السياقات التي أَنتجت تلك الأفكار عن الإسلام عوضا عن السعي لتفكيكها، ومحاولة الاقتراب من شخصية الفيلسوف وظروفه الاجتماعية والسياسية – التي ألقت بظلالها على مفارقات تصوره لثقافة شعب مجاور لمجاله الجغرافي مقارنة بتصوره لثقافات شعوب بعيدة عنه – عوضا عن إصدار أحكام قيمية تحصره في زاوية الجهل واختزال تعقيدات الآخر، وربما ما هو أسوأ كالتحيز والتعصب وخدمة أغراض استشراقية أو استعمارية.
ويمكن القول إن الفكرة التي قد تسيطر على ذهن مَن ينتمي ثقافيا للمنطقة التي كان يستهدفها هؤلاء الفلاسفة بتفكيرهم وملاحظاتهم وحواشيهم، هي أن الحضور الثقافي للعالم الإسلامي في وعي النخبة الثقافية الأوروبية، كان ولا يزال حضورا يخضع لعدسة خاصة لا تستمد مشروعيتها بالضرورة من نجاحها في استيعاب تعقيدات هذا العالم، بقدر ما تكتسبه من قدرتها على تحقيق وظيفة يحددها مستخدم تلك العدسة؛ وظيفة لا يبدو أن الهم المعرفي يوجهها في كل الاحوال.
Reviews
There are no reviews yet.