نصب الراية لاحاديث الهداية
إن كتاب نصب الراية لاحاديث الهداية للإمام الحافظ جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي المتوفى
سنة (762ﻫ) من أحسن كتب التخريج وأكثرها فائدة، وأثراها وأوسعها، فقد حوى من الفوائد والنفائس ما لا تفي
هذه النبذة المختصرة بإحصائها، بَلْهَ استقصائها، ولذلك اعتنى الحُفّاظ بتحصيله وتعليقه واجتناء ثمراته،
فاستمدّ منه من جاء بعده من شُرّاح (الهداية)، كما استمدّ منه الحافظ ابن حجر كثيراً في تخاريجه،
وهو شاهد على تبحّرِ مؤلِّفه في فنِّ الحديث وأسماء الرجال، وسعة نظره في فروع الحديث إلى الكمال؛
إذ إن المُصنِّف لم يكتف بتخريج الأحاديث فقط، بل سرد أسانيدها، وتعقبها بالتصحيح والتضعيف،
كما تطرق إلى فقه الحديث ومتعلقاته، دون تعصب لمذهبه الفقهي.
ولم يقتصر على تخريج أحاديث الهداية، بل زانه بإيضاح أدلة المخالفين، وحَلّى كتابه بنقول عزيزة،
ونصوص نفيسة، كما لم يدَع مَطْمَعاً لباحثٍ وراءَ بحثِه وتنقيبه، بل استوفى في الأبواب ذكر ما يمكن لطوائف الفقهاء
أن يتمسكوا به على اختلاف مذاهبهم من أحاديث قَلّما يهتدي إلى جميع مصادرها أهل طبقته، ومن بعده من محدثي الطوائف،
إلا من أجهد نفسه إجهاده، وسعى سعيه لوجود كثير منها في غير مظانها، بل قلَّ من ينصف إنصافه، فيدون أدلة الخصوم تدوينه،
غير مقتصر على أحاديث طائفة دون طائفة، مع بيان ما لها وما عليها، بغاية النصفة.
ولم يكن الزيلعي مجرد ناقلٍ جَمّاع، بل كان في الجملة ناقداً مُوازِناً، يكشِفُ الأخطاء، ويستدرك،
ويُوازن بين بعض نُسَخ مصادره، وكان عفّ العبارة في الجملة.
Reviews
There are no reviews yet.